تستهدف وكالة البيئة في تكساس أصحاب الاعمال الصغيرة من أجل مخالفات وانتهاكات حفظ سجلات بسيطة، بينما تترك المقصرين الكبار من الشركات الكبرى تنجو بفعلتها بكل سهولة.
by بواسطة نافينا ساداسيفام
@NaveenaSivam
فبراير 21، 2018
To read this story in English, click here.
في إحدى أيام شهر أبريل عام 2015، أخذ ناصر فرحناكيان يراقب المياه تغمر الشوارع المحيطة بمحطته في كوربوس كريستي دون أن يستطيع فعل شيء. حيث شهد فصل الربيع آنذاك سلسلة من العواصف الرعدية الشديدة في جنوب تكساس، وسجلت هطولات الأمطار أرقاماً قياسية وتسببت في حدوث فيضانات واسعة النطاق في كافة أنحاء هذه المدينة التي يقدر عدد سكانها بـــ 300,000 نسمة. ومع ارتفاع منسوب المياه حول محطة فرحناكيان، تدفقت مئات الجالونات من خلال فتحة في ثلاثة خزانات تحت الأرض تحتوي على وقود البنزين والديزل. ونتيجة لاختلاط مياه الفيضانات مع الوقود ذو القيمة تحت الأرض، أصبحت هذه الوقود غير قابلة للبيع. وفي أواخر شهر أبريل، طلب فرحناكيان من إحدى الشركات المقاولة ضخ المياه خارج الخزانات – أول خمس مرات كان عليها القيام بذلك خلال الشهر المقبل. وفي النهاية استقر المطر واعتبر فرحناكيان أن المصاريف التي بلغت قيمتها 8,000 دولار أمريكي كانت جزء من كونه مالك محطة وقود.
وبعد أربعة أشهر، حضر مفتش مع لجنة تكساس المعنية بالجودة البيئية (TCEQ) لإجراء تفتيش مقرر وطلب منه إجراء معاينة لمخزون الوقود، وهو طلب روتيني. أشار المفتش إلى أن السجلات لا تحتوي على 800 غالون من الوقود. هل تسرب الوقود في الأرض؟ حاول فرحناكيان توضيح أن الأرقام في سجلات المخزون لم ترتفع لأن الخزانات غمرت بمياه الفيضانات وأنه استعان بشركة من أجل تنظيفها. ويقول فرحناكيان أنه قدم إلى المفتش إيصالات من الشركة المقاولة.
إلا أن ذلك لم ينفع. حيث كانت المفاجأة بالنسبة إلى فرحناكيان عندما تلقى خطاباً من لجنة تكساس المعنية بالجودة البيئية (TCEQ) تفيد بأنه فرضت عليه غرامات بمبلغ وقدره 59,000 دولار أمريكي بسبب المخالفات المرتكبة في السجلات المحفوظة – ما يعادل تقريباً أرباح عامين من مبيعات الوقود في محطته. وقد أثار ذلك استياء فرحناكيان. حيث كان يقوم بفعل الصواب. ولم يقم ببيع الوقود المختلط بالماء، بل قام بتنظيف الخزانات على الفور. وعلاوة على ذلك فإن أجهزة الاستشعار التلقائية في الخزانات لم تشير إلى حدوث تسريب.
قال فرحناكيان “لقد فعلنا كل شيء لحل المسألة، ولكن الأوراق كانت غير مطابقة للمخزون”.
في السادسة والعشرين من عمره، غادر فرحناكيان مدينة أصفهان، ثالث أكبر مدينة في إيران، للحصول على تعليم غربي. كان ذلك عام 1976 وكانت البلاد على وشك قيام ثورة سياسية. عندما وصل إلى هيوستن، لم يكن يتكلم اللغة الإنجليزية بطلاقة ولم يكن يعرف أي شخص في تلك البلاد. قام فرحناكيان بالتسجيل في صفوف تعليم اللغة، واستطاع تأمين الدخول إلى كلية المجتمع في بيفيل وحصل على العديد من الوظائف. عمل فرحناكيان نادلاً وعاملاً لغسيل الأطباق في مطعم مكسيكي، لتحقيق الحد الأدنى من الأجور بقيمة 2.30 دولار أمريكي في الساعة. وفي الليل، كان يعمل على سيارة أجرة، لتحصيل 1 إلى 2 دولار أمريكي في الرحلة.
عندما كان على وشك الانتهاء من تعليمه للحصول على الشهادة في الهندسة، ترك فرحناكيان المدرسة. وعثر على عمل في شركة تعبئة، حيث كان يكره هذه الوظيفة، ولكن هذا العمل يتيح له إمكانية توفير المال لتحقيق حلمه في امتلاك أعماله الخاصة.
في العام 1988 ، وبعد قضاءه لأكثر من عشر سنوات في البلاد، تمكن فرهاناكيان من فتح متجر صغير في كوربوس كريستي. ومن ثم ازدهرت أعماله، ليقوم بفتح متجر آخر، ثم قام بشراء عقارا مخصصاً للإيجار وباشر أعمال تأجيرها.
وفي نهاية المطاف، في العام 2005 ، تمكن فرهاناكيان من شراء أرض في مقابل الطريق السريع 44 وقام بإنشاء محطة الوقود الحالية الخاصة به. وقد تميز المكان بتألق خاص ومريح يماثل أي مؤسسة أمريكية مألوفة. وقد عرضت على اللافتة المعلقة في الخارج عبارة تقول: (صن رايز أطعمة لذيذة وبيرة مثلجة)، بينما تميز القسم الداخلي من المتجر بنظافته الظاهرة، أما المنضدة اللذيذة فتقدم إعلان عن سندويشات الإفطار و “الدجاج حسب القطعة”
وبصرف النظر عن تواضع وبساطة المتجر، إلا أنه ساهم في ازدهار وتنشيط أعمال فرهاناكيان، ليقول: “لن أعود للعمل لصالح شخص آخر بعد الآن على الإطلاق”. وأضاف مؤكداً: ” حتى لو اعطوني مليون دولار، فأنني لا أريد أن أكون إلا صاحب عمل لا أكثر ولا أقل”.
Behind the Story: Reporter’s Notebook
تقع صن رايز فودز بالقرب من الطريق من المطار، بينما يوجد أقرب منافس على مسافة تقارب 6 أميال. وبالإضافة إلى إيرادات الايجارات الواردة من الممتلكات الأخرى، فقد تمكن فرهاناكيان وزوجته من تحقيق حياة مريحة، لاسيما وأنهم يعيشون الآن في أحد الأقسام الفارهة من كوربوس كريستي ، في منزل تصل مساحته إلى 4,900 قدم مربع، عامر بأجواء الراحة والرفاهية وينتشر السجاد الفارسي في أرضياته، “لقد عملت بجد وكد طوال حياتي، وقد حان الوقت الآن لكي استمتع بوقتي” حسب تعبيره.
ومع ذلك، فقد عكرت صفوه غرامة بقيمة 59,000 دولار، وقد صرح بقوله قد أكون قادراً على تحمل هذا المبلغ، ولكن ماذا عن أصحاب محطات الوقود الأصغر والأقل دخلاً ؟ وأضاف “إن لدينا حجم أعمال معقول، وبالتالي فالأمور على ما يرام” وأضاف قائلاً: “لكن الأمر قاس وصعب جداً بالنسبة لمحطات الوقود الأصغر حجماً” لاسيما وأن جزءاً معقولاً (من) أرباحهم يذهب لجنة تكساس لجودة البيئة وهو أمر غير عادل على الإطلاق”.
وعلى عكس ما هو عليه الحال مع العديد من أصحاب محطات الوقود الأخرى، فقد قاوم فرهاناكيان الأمر، وقام بتوكيل محام محلي لاستئناف قرار هذه الغرامات، ووصلت القضية إلى قاض في المكتب الحكومي للجلسات الإدارية (SOAH) ، وهي وكالة تتولى إجراء المحاكمة الشبيهة بالنزاعات القانونية، وبعد مرور 8 أشهر من النزاعات، التي قام خلالها فرهاناكيان بتقديم كافة الوثائق التي تثبت بأنه قام بتنظيف الخزانات، فقد وافقت لجنة تكساس لجودة البيئة على الوصول إلى تسوية بمبلغ 27,000 دولار، وقد وافق فرهاناكيان على الصفقة، وقد صرح بقوله أنه قد أنفق بالفعل مبلغ 15,000 دولار كرسوم وأتعاب محاماة، وبعد إضاعة سنة كاملة من وقته في التعامل مع لجنة تكساس لجودة البيئة، إلا أنه مع ذلك، ما زال يشعر بالاستياء مما يراه ومن مدى التفاوت الكبير بين حجم المخالفة وبين حجم الغرامة المفروضة.
وتساءل قائلا:” لماذا يجب علينا دفع مبلغ 27,000 دولار من أجل مخالفة واحدة؟” “ماهي هذه البلد التي نعيش فيها؟” مع أنه لا يوجد أي تسرب.
وفي أبريل من العام 2015، فقد كان هذا هو الوقت الذي كانت متاعب فرهاناكيان على وشك البدء، عندما تعطلت مصفاة سيتجو التي تبعد بضعة أميال فقط، حيث اكتشف موظفو سيتجو وجود إحدى المداخن في المحطة التي كانت تطلق كمية من سيانيد الهيدروجين أكبر من الحد المسموح في الجو. وخلال فترة شهرين، حسبما صرحت سيتجو بذلك لاحقاً إلى لجنة تكساس لجودة البيئة، فقد أطلقت المحطة أكثر من 50,000 رطلا من سيانيد الهيدروجين في الجو، مع العلم بأن التعرض لمستويات عالية من هذه المادة الكيميائية قد يكون شديد السمية والضرر على صحة الإنسان. وبعد مرور سنتين ونصف فما زالت لجنة تكساس لجودة البيئة بصدد اتخاذ القرار فيما إذا كانت سوف تعاقب الشركة أم لا، بل أنها تقوم بدراسة والنظر في طلب سيتجو، من أجل القيام ببساطة بتعديل تصريح الهواء الخاص بها من أجل منحها الاعتماد والموافقة الرسمية على تلوث الجو وبأثر رجعي.
تمتلك وتشغل سيتجو مصفاتين كبيرتين في كوربوس كريستي، من خلال موقعها على حدود خليج نيوسيس، على مساحة تمتد 890 فدان من المنشآت المعدنية، ومداخن شاهقة مع خزانات تخزين كبيرة تعتبر بمثابة إبداعات مرموقة من عالم الهندسة. وفي كل ساعة تقوم هذه المصافي معاً بمعالجة أكثر من 6,500 برميل من النفط الخام، لتخرج من بين العديد من المنتجات الأخرى، ذلك الوقود الذي يشتريه فرهاناكيان من أجل محطة الوقود الخاصة به، ووفقاً لبيانات الدولة، فإن سيتجو هي أحد أكبر مسببات التلوث في ولاية تكساس. ومعاً، فإن المصفاتين تطلقان أكثر من 3,800 طنا من المواد الملوثة الخطرة بشكل سنوي، وتقذف بغاز أول أكسيد الكربون والمركبات العضوية المتطايرة، والتي يرتبط التعرض لكميات كبيرة منها مع الإصابة بسرطان الرئة والثدي- ناهيك عن إطلاق أكسيد النيتروجين وأكسيد الكبريت، دون أن ننسى تفاقم الأمراض التنفسية عند الشباب والمسنين، وفوق كل ذلك المساهمة في نشر الأجواء الضبابية في المنطقة.
وقد عملت تلك المحطات خلال الفترة من 2012 إلى 2017 ، على إطلاق كميات أكبر من الملوثات أكثر مما تسمح به تصاريحها بمقدار 66 ضعفاً، بما في ذلك حادثة أبريل، ووفقاً للبيانات العامة، فقد تم تغريم الشركة في أربع مناسبات فقط، وبشكل مبدئي فقد تم إصدار غرامات ضدها بمبلغ 82,400 دولار فقط، إلا أنه في ثلاث من هذه المناسبات، فقد قامت سيتجو بإطلاق الإدارة القانونية لديها على لجنة تكساس لجودة البيئة وفي جميع تلك الحالات الأربع، كانت النتيجة أن قامت لجنة تكساس لجودة البيئة بتخفيض مبلغ الغرامات، وذلك بسبب جهود “حسن النية” المبذولة والدفعات المسددة في الوقت المناسب، وفي نهاية الأمر فلم تدفع سيتجو إلا 42,500 دولار، وهو مبلغ يعادل تقريباً أكثر من دولار واحد لكل رطل من التلوث في جميع الحالات الأربع.
ومن الجدير بالذكر أن فرهاناكيان يحقق بضعة آلاف من الدولارات في الشهر من بيع المشروبات الغازية والبيرة والوقود في متجره، بينما تشير التقارير إلى ان الإيرادات السنوية لسيتجو تتجاوز مبلغ 40 مليار دولار.
إن فرهاناكيان هو من الجيل الأول من المهاجرين الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية بطلاقة، كما أنه ليس على اطلاع كبير على النظام التنظيمي في الدولة، بينما على الجانب الآخر تمتلك سيتجو رأسمال سياسي قوي ورصيداً مالياً كبيراً يمكنها ان تستخدمه في مواجهة لجنة تكساس لجودة البيئة. وقد تمت معاقبة فرهاناكيان لارتكابه انتهاكات حفظ السجلات حتى بدون وجود أي دليل على تسرب للوقود من خزاناته، بينما أقرت سيتجو بأنها ضخت 50,000 رطل من سيانيد الهيدروجين في الجو. ومع ذلك فان الغرامة المفروضة على فرهاناكيان هي من أجل خطأ في حفظ السجلات، وتعادل تقريباً الغرامة التي تدفعها سيتجو من أجل إطلاق مواد ملوثة وسامة في الجو ولمدة تتجاوز الخمس سنوات.
وحالة فرهاناكيان ليست استثناءا للقاعدة، إذ أنه واحد من بين مئات من أصحاب محطات الوقود في تكساس، وغالبا من أبناء الجيل الأول من المهاجرين، الذين تم تغريمهم من أجل بعض الأوراق المفقودة أو غير الصحيحة، مع أن الشركات الكبيرة تُعاقب بغرامات بمبالغ أقل من أجل إطلاق الملوثات الخطرة.
وقد قامت (الأوبزرفر) بتحليل أكثر من 300,000 صفا من البيانات المتعلقة بنشاط إنفاذ العقوبات لدى لجنة تكساس لجودة البيئة التي قامت بها منذ العام 2009 إلى 2017 في محاولة تهدف لتقييم الأولويات التي تعتمدها الوكالة البيئية الرابعة حجماً وتأثيراً على مستوى البلاد، وقد كانت نتيجة التحليل هي أن لجنة تكساس لجودة البيئة قد جمعت مبلغ 24 مليون دولار من مشغلي الخزانات، والأغلبية العظمى منهم هم من أصحاب محطات الوقود، وهو رقم يقل قليلاً عن 30 مليون دولار التي يتم تحصيلها من آلاف من المنشآت الصناعية الكبرى – المصافي، مصانع البتروكيميائيات، مصانع الاسمنت القطاعية، في أنحاء الولاية التي قامت بانتهاك تصاريح الجو الخاصة بها.
وانتهى تحليل (الأوبزرفر) كذلك إلى أن الوكالة تخصص موارد كبيرة من أجل مراقبة محطات الوقود، حيث تشكل القضايا ضد مالكي صهاريج التخزين الجوفية ما يقارب من 40 % من إجمالي حجم عمل الإنفاذ في اللجنة، بينما اشتملت 85 % من القضايا الـ 4,200 ضد محطات الوقود على مسائل تقصير في مسك السجلات، وعلى العكس من ذلك، فقد قامت الجهات الصناعية المسببة للتلوث بالإبلاغ بشكل ذاتي عن إطلاق 500 مليون رطلا من الملوثات في الجو منذ العام 2011 إلى 2017، ومع ذلك فإن لجنة تكساس لجودة البيئة لم تقم بفرض غرامات على هؤلاء المنتهكين في 97 % من الحالات خلال تلك الفترة نفسها، ووفقا لما جاء في تقرير أُعد في العام 2017 من مجموعتين بيئيتين مناهضتين لتوجهات لجنة تكساس لجودة البيئة وعندما قامت بذلك، فقد انقلبت الولاية بشكل أكثر قوة على أصحاب الاعمال الصغيرة: وقد لاحظت (الأوبزرفر) أن معدل عقوبة مالكي خزانات وصهاريج البترول هي 1.250 دولار، وهو ما يعادل ضعفي مبلغ الغرامة التي تفرضها على الشركات الصناعية الملوثة للجو بمبلغ 580 دولار.
وهكذا فإن الاختلاف والتفاوت بين تعامل لجنة تكساس لجودة البيئة لمشروعات الأعمال الصغيرة والعائلية، في مقابل الشركات الكبيرة ليس من قبيل المصادفة، فحسبما يبدو أن الجهاز التنظيمي قد تم إنشاءه من أجل محاباة أولئك الذين يمتلكون المال والسلطة، ومن النادر أن تقوم لجنة تكساس لجودة البيئة بمعاقبة ومخالفة الجهات الكبرى المسببة للتلوث، فهي غالباً ما تلجأ إلى ثغرة قانونية تسمح بوجود حالات التلوث المرتبطة ببدء تشغيل المحطات أو إغلاقها أو تعطلها. وحتى في حال فرض الغرامات، فإن الشركات عادة ما تقوم بالرد والاستئناف وتوكيل المحامين، والتفاوض من أجل الحصول على تخفيض كبير في العقوبات والغرامات. ونتيجة لذلك، فان مناصري البيئة وأصحاب الاعمال الصغيرة يلاحظون بأن هناك إجحافاً هائلاً في التعامل من خلال الطريقة التي تتعامل بها لجنة تكساس لجودة البيئة مع “عملاءها” حيث أنها تعود إلى الشركات التي تنظمها.
وقد وجّه لوك ميتزجر المدير التنفيذي لمؤسسة بيئة تكساس غير الربحية انتقاداً واضحاً إلى لجنة تكساس لجودة البيئة لإخفاقها في محاسبة الشركات الملوثة للجو، بقوله: “يجب أن يتم إعداد وضبط الغرامات بشكل خاص وفقاً لتأثيرها على الأعمال” وأضاف قائلاً: ” كما يجب أن تعكس الغرامات كذلك حجم ودرجة خطورة الانتهاك ” وعندما يتعرض الناس لملوثات من المحتمل أن تكون ضارة وخطرة فمن الواجب أن تكون العقوبات المفروضة وفقاً للمستوى الأشد، وقد أخفقت لجنة تكساس لجودة البيئة إخفاقاً ذريعا في كلا الأمرين”.
وقدمت أندريا ماورو، المتحدثة باسم لجنة تكساس لجودة البيئة، التحليل الخاص بالوكالة، والذي كان في معظمه مطابقاً للنتائج التي توصلت اليها (الأوبزرفر) فعلى سبيل المثال، فقد وجدت لجنة تكساس لجودة البيئة أن مستخدمي خزانات النفط قد شكلوا ما نسبته 33 % من عدد القضايا المعروضة أمام الوكالة، بينما كانت النسبة وفقاً للأوبزرفر هي 40 %. كما عرضت ماورو كذلك لمسألة توصيف بعض الانتهاكات المحددة، ودافعت عن ممارسة استخدام السجلات من أجل تحديد المخاطر البيئية المحتملة. وأضافت بقولها أن التسرب من صهاريج النفط يشكل مخاطر صحية وبيئية فضلاً عن “احتمالات حدوث الحرائق والانفجار”.
وتابعت بقولها: “إن انتهاكات النظام قد لا تكون أمور بسيطة ومجرد انتهاكات “تتعلق بالسجلات والأعمال الورقية” وأردفت قائلة: “في كثير من الأحيان، قد تكون السجلات المطلوبة هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحديد حالات الإطلاق المحتملة والتعامل معها قبل حدوث ضرر بيئي كبير”. وقد عارضت النتيجة إلى توصلت إليها (الأوبزرفر) من أن 85 % من الانتهاكات تتعلق بحفظ السجلات، واحتجت بأن هذه الانتهاكات تتم إساءة تفسيرها. وادعت كذلك بأن القضايا المتعلقة بالأعمال الورقية تمثل أقل 1 % من جميع الانتهاكات الواردة ضمن طلبات اللجنة.
وأوضحت ماورو بأن الوكالة تقوم بعقد ورشات عمل من أجل تثقيف أصحاب محطات الوقود واطلاعهم على المتطلبات التنظيمية، وأضافت بقولها أن إنفاذ وتطبيق القانون هو “أداة واحدة” من بين مجموعة أدوات يتم استخدامها من أجل حماية البيئة. وتابعت: “ومع ذلك فإن الحجم الكبير” لصناعة محطات الوقود” علاوة على ارتفاع معدل دوران الموظفين والملكية كل ذلك يجعل من الوصول إلى الجميع أمراً صعباً”.
ويشعر فرهاناكيان الذي وافق على سداد الغرامة بقيمة27,000 دولار على 36 دفعة شهرية بمبلغ 750 دولار، بالاستياء من أن لجنة تكساس لجودة البيئة تزيد من مصاعب العمل في الصناعة التي تكتنف بالفعل تحدياً كبيراً للشركات الصغيرة.
وقال: “إن لجنة تكساس لجودة البيئة تحاول إخراجنا من هذا العمل” ” من الممكن أن يغفل أي شخص عن أي شيء، ومن الممكن أن تدخل المياه في الخزانات، إلا أنهم يجعلون الأمر صعباً علينا فقط، وليس عليهم، إنهم يزيدون من متاعب الأجنبي، والمالك الفرد”.
وتعتبر أعمال بيع الوقود بالتجزئة والمتاجر الصغيرة هي إحدى المهن ذات الهوامش الضئيلة، وارتفاع معدل الدوران وانتشار حالة عدم اليقين، علاوة على التقلبات اليومية في أسعار الغاز، والتغير المستمر على الأنظمة، فضلاً عن زيادة التكاليف العامة، وكل ذلك يُصعّب من مهمة بقاءك ثابتاً في هذه الصناعة. ناهيك عن وجود المشكلة الشائعة التي يغفل عنها البعض، وهي الانطلاق بالسيارة بينما تكون فوهة أداة تعبئة الوقود ما زالت عالقة في الفتحة، وهو خطأ عابث قد يكلف المالك الآلاف من الدولارات. ووفقاً لإدارة الاعمال التجارية الصغيرة ، فإن هناك ما يقارب من 48 % من المشروعات والأعمال الصغيرة في تكساس هي مشروعات مملوكة من قبل الأقلية.
وبصرف النظر عن أن الوكالة لا تملك بيانات سكانية وفقاً للصناعة، إلا أن الخبراء قد صرحوا (للأوبزرفر) بأن ثمة نسبة كبيرة من محطات الوقود والتي يصل عددها 20 ألف محطة في تكساس، هي مملوكة من قبل مهاجرين، أغلبهم من آسيا ومنطقة الشرق الأوسط.
ووفقاً لسكوت فيشر، نائب الرئيس الأول للسياسة والشؤون العامة لدى جمعية تكساس للأغذية والوقود، وهي مجموعة صناعية لتمثيل محطات الوقود والمتاجر الصغيرة، أنه في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، كان من المحتمل أن تكون أعمال محطة الوقود أمراً لافتاً ومستقطباً للمهاجرين وذلك بسبب ضعف الحواجز والعقبات المفروضة أمام المشاركة بها، فضلاً عن سهولة تأمين القروض، كما كانت الدفعات المقدمة عادة أقل مما هي عليه اليوم. وكذلك فقد كانت اللوائح بسيطة وسهلة الاطلاع، وكانت عمليات التفتيش قليلة.
ووفقاً لفيشر “فإنها تبدو وسيلة جيدة لتــأسيس موطئ قدم لك ورعاية عائلتك”.
إلا أنه في فترة الثمانينات، فقد أصبح من الواضح بشكل كبير أن تسرب خزانات الوقود يشكل تهديدا كبيرا للمياه الجوفية، ويضع الكثير من الضغط على الكونجرس من أجل اتخاذ إجراءات متشددة وحازمة، وفي ذلك الوقت، فقد قدرّت وكالة حماية البيئة أن ربع الخزانات أي ما يقارب 2 مليون خزان في البلاد كانت تعاني من التسرب، والأمر الذي يثير القلق بشكل خاص هو عنصر ميثيل ثالثي بوتيل الإيثر، وهو مكون معزز للأوكتان ومسبب للسرطان، ويتسبب في جعل المياه الجوفية غير صالحة للشرب حتى في حال وجوده بتراكيز ضئيلة.
وقد منح الكونجرس وكالة حماية البيئة الصلاحية القضائية على موضوع الخزانات تحت الأرضية في العام 1984 وأمر الوكالة بالقيام بتشديد رقابتها. إلا أنه في أواخر تسعينات القرن الماضي، كانت وكالة حماية البيئة ما تزال تواجه مشكلة كبيرة فعلياً.
وفي العام 1998، لاحظ باحثون في وزارة الطاقة وجود آثاراً للمواد الكيميائية للبنزين في المياه الجوفية في أكثر من 000, 13 موقع في كاليفورنيا، وفي الفترة ما بين عامي 2001 و 2005، نشر مكتب المساءلة الحكومية تقارير قاسية جداً حول نقص التمويل اللازم لعمليات التنظيف. ووفقاُ للتقدير الصادر في العام 2001 ” فإن معظم الولايات ووكالة حماية البيئة لا يقومون بشكل فعلي بتفتيش جميع صهاريج التخزين تحت الارضية بالتواتر الكاف، أو أنه ليس لديهم امكانية الوصول الى أدوات تنفيذ القانون الأكثر فعالية بما فيه ضمان التقيد والالتزام بالمتطلبات الاتحادية”.
وفي العام 2005، وتحت وطأة الضغط المتنامي من النشطاء والمشرعين، فقد قام الكونجرس بإصدار قانون سياسة الطاقة، وهو مشروع قانون الشامل الذي زاد التمويل للولايات من أجل تنظيف الخزانات. ومن بين بنوده الرئيسية: أنه يجب على الولايات المتلقية للمساعدة الاتحادية إجراء عمليات تفتيش لمحطات الوقود مرة كل ثلاث سنوات.
وهكذا فإن الحصول على المال الاتحادي يعني في الوقت الحالي وضع أصحاب محطات الغاز تحت إشراف ورقابة أكثر شدة، وخلافاً لمعظم الولايات، فقد رفض مسؤولو ولاية تكساس عرض الحكومة الاتحادية، وذلك وفقاً لبيان متحدث باسم وكالة حماية البيئة. (حيث قالت ماورو إن لجنة تكساس لجودة البيئة لم تكن على علم برفض التمويل الإضافي)
ومع ذلك وفي العام 2009، وكجزء من خطة التحفيز لدى إدارة أوباما، فقد حصلت لجنة تكساس لجودة البيئة على ربح غير متوقع – بمبلغ 10.8 مليون دولار على مدار عامين في حال قيامها بإجراء عمليات تفتيش روتينية. وقد عهدت الوكالة بإدارة معظم الأعمال إلى جامعة تكساس في أرلينجتون من خلال عقد بقيمة 2.5 مليون دولار. وكان التأثير فورياً وشاملاً. وفي العام 2009، وقبل بدء نفاذ العقد، فقد قامت لجنة تكساس لجودة البيئة بإجراء ما يقارب من 5700 عملية تفتيش وقامت بإصدار ما يقارب من 3.5 مليون دولار من الغرامات. وبعد أربع سنوات، في العام 2013، فقد ارتفع عدد عمليات التفتيش إلى أكثر من الضعفين ليصل العدد إلى ما يقارب من 13,200، بينما ارتفعت الغرامات إلى ما يقارب من 5 ملايين دولار.
ووفقاً لكليف روثنشتاين، الذي ترأس مكتب الخزانات تحت الأرضية التابع لوكالة حماية البيئة خلال إدارة جورج بوش، فقد صرح أنه: أنه قبل صدور قانون سياسة الطاقة كان يتم تقديم معظم الأموال من أجل تنظيف الخزانات التي تواجه التسريب، إلا أنه بعد صدور القانون فقد تلقت الولايات الملايين من أجل التفتيش.
وتثار بعض الشكوك في أن البرنامج قد نجح في الحد من التلوث. فقد شهدت تكساس انخفاضا في عدد حالات التسرب والانسكاب الموثقة من خزانات النفط من 354 سنوياً في العام 2006 لتصل إلى 285 في العام 2016. وقد علق روثنشاتين بقوله: “إنه إنجاز كبير بالفعل”.
وقد صرح العديد من أصحاب محطات الوقود إلى (الأوبزرفر) بأنهم لا يعترضون على الغرامات في حال حدوث تسرب. كما أقروا كذلك بأن الحملة التنظيمية المشددة قد دفعتهم إلى التصرف بشكل أكثر انتباها للسجلات، حتى أن بعض منهم قام بتعيين شركات المطابقة من أجل الإبقاء على ترتيب سجلاتهم حسب الأصول، إلا أنهم لاحظوا كذلك أن لجنة تكساس لجودة البيئة تمتلك حق التقدير الشخصي والتقديري عندما يتعلق الأمر بمدى شدة إجراءات عقاب الجهات المتسببة بالتلوث. وتساءلوا لماذا لا تُظهر لجنة تكساس لجودة البيئة نفس الحماسة والاندفاع للردع عندما يتعلق الأمر ببعض من أكبر الجهات المسببة للتلوث في الولاية، وهي غالباً ما تكون في كثير من الأحيان شركات البتروكيماويات مثل: سيتجو، فاليرو، شل، إكسون التي يتم شراء الوقود منها.
ومن الجدير بالذكر أن 7 % فقط من الخزانات التي تمت معاينتها وتفتيشها منذ العام 2009 إلى العام 2017 كان تواجه حالات تسرب أو انسكاب موثقة في مرحلة ما من عملها، وفي واقع الأمر، ووفقاً لبيانات لجنة تكساس لجودة البيئة، فقد تمكنت (الأوبزرفر) من تحديد ست حالات فقط حيث وجد فيها المفتش أدلة على التلوث. وفي غالبية الحالات، كانت لجنة تكساس لجودة البيئة تعرف بوجود تسرب في أحد الخزانات عندما يقوم المالك بإبلاغهم بذلك.
وقد كانت أكثر الحالات انتشاراً هي عدم الاحتفاظ بالمخزونات الدقيقة، ومن المتوقع أن تقوم محطات الوقود وغيرها من المشروعات التي تتعلق بمحطات الوقود، مثل المستشفيات ومراكز غسيل السيارات، بالإبقاء على أكثر من 40 مجموعة من السجلات في أي من الأوقات. وبعضها، مثل مخزونات الغاز، يحتاج إلى تحديث على أساس يومي، أما البعض الآخر فتحتاج للتجديد على أساس شهري أو سنوي.
وبالنسبة لحالة فرهاناكيان فقد هناك اختلاف بمقدار 800 جالون من الوقود، وقد حدث ذلك نتيجة تجفيف الخزانات لخمس مرات. حيث تقدم نماذج لجنة تكساس لجودة البيئة الرسمية مساحة وهامش لتحديد توقيت تسليم أو بيع البنزين، لكن ليس عندما يتم سحب الوقود من الخزانات أثناء التنظيف. وهكذا فقد أفاد اثنان من المفتشين (للاوبزرفر) بأنهم يعتبرون الوقود “المفقود” دليلاً على وجود حالة تسرب من الخزانات.
ووفقاً لوائح ولاية تكساس، فقد كان يتوجب على فرهاناكيان الإبلاغ عن هذا الأمر إلى لجنة تكساس لجودة البيئة والقيام بتعيين شركة للتحقيق في مصدر الأخطاء. إلا أنه أفاد بأنه لم يقم بذلك إما لأنه لم يكن على علم بأنها متطلبات. وبالتالي فقد ارتفعت غرامته الأولية لتندرج وتصنف تحت فئة معروفة في الدوائر التنظيمية بأنها “مخالفات متتالية”.
وقد تعرض لصدمة من قبل لجنة تكساس لجودة البيئة التي قامت بتسجيل غرامة عليه بمبلغ 9,016 دولار لعدم الاحتفاظ بسجلات لحساس تسرب آلي في أحد الخزانات، ومبلغ 4,508 دولار لعدم الإبلاغ عن تناقض المخزون ومبلغ 082 ,45 دولارا لعدم تعيين شركة تحقيق من أجل الكشف عن الاختلاف، ليصل المبلغ الإجمالي إلى 58،606 دولار. وفي حال كانت لجنة تكساس لجودة البيئة قد عاقبته من أجل المخالفة الأولى، فقد كان يجب على فرهاناكيان أن يدفع فقط مبلغ 9,016 دولار.
ويشير فرهاناكيان إلى أنه قام بتركيب أجهزة استشعار في الخزان من أجل تنبيهه في حال وجود أي تسرب.
وأضاف فرهاناكيان “اننا نقوم بالاكتشاف إذ أن لدينا رقابة، وتابع بقوله: ” إننا نضغط على الزر ويفيدنا بأنه لا يوجد أي تسرب، إلا أنهم لا يهتمون بذلك، كل ما يرغبون به هو تسجيل غرامة علينا، غرامة كبيرة “.
ولم ترد ماورو على الاسئلة الموجهة بخصوص حول الانتهاكات والمخالفات التي وقعت في محطة وقود فرهاناكيان. وبدلا من ذلك، فقد صرحت إن المدير التنفيذي للوكالة “يقوم بدراسة كافة الأدلة المتاحة عند تحديد المخالفات والانتهاكات والعقوبات والإجراءات التصحيحية من أجل إدراجها ضمن إجراءات التطبيق”.
أما بخصوص لمالكي محطات الغاز التابعة للمشروعات العائلية الصغيرة، فإن الغرامات قد يكون لها بعداً وتأثيراً مالياً وعاطفية.
في العام 2015، لاحظ مفتش لجنة تكساس لجودة البيئة أن جمال جعفري، وهو أمريكي فلسطيني يمتلك محطة وقود في فورت وورث، لم يقوم بإجراء اختبار التآكل، وأنه قد ترك أجهزة الكشف عن التسربات المطلوبة بدون توصيل، وبصرف النظر عن أن المفتش لم يجد أي علامات تسرب أو انسكاب، إلا إن جعفري تعرض لصدمة عندما تم تسجيل غرامة بقيمة 6500 دولار. وقد تسبب ذلك بخسائر كبيرة لتمويلاته لدرجة دفعته أن يقول أنه كان سيقوم بإغلاق المضخات، لولا أن ذلك سيؤثر على مبيعات المتجر.
وقد هربت عائلة جعفري من فلسطين في العام 1976 عندما كان يبلغ 6 سنوات من العمر، حيث عاشت العائلة في مخيم أردني للاجئين طوال فترة سنوات دراسته، ويتذكر الجعفري أنه وأخوته وأخواته ووالديه كانوا جميعاً ينامون في كوخ مساحته 10 × 10 أقدام. وبعد الثانوية، تمكن جعفري من الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة. حيث تلقى دروس اللغة الإنجليزية في شيكاجو والتحق بكلية هارولد واشنطن. ومن ثم انتقل لاحقاً إلى تكساس للحصول على دروس لكي يصبح طياراً. إلا أنه لم يتمكن من تحمل أعباء وتكاليف التعليم وترك الدراسة ليلتحق بالعمل في محطة وقود.
وخلال السنوات الخمس التالية، تمكن جعفري من توفير ما يكفي من المال لكي يفتح محطة وقود خاصة به في فورت وورث. ويرى جعفري، وهو مسلم، بأن المهاجرين من أمثاله تتم معاقبتهم بشكل غير عادل، ويعود ذلك بشكل جزئي إلى أنهم أقل احتمالاً أن يطيقوا المقاومة والرد.
وكما يقول جعفري: “إننا نشعر بذلك، إنهم يستهدفوننا”. وأردف معبراً: ” لسان حالهم يقول: إننا نستطيع فرض غرامات عليهم، إنهم لا يستطيعون القيام بتوكيل محام، وبعضهم لا يتحدثون اللغة الإنجليزية وسيخافون” … لقد جئت إلى هذا البلد، وأنا لا أعرف كل القواعد، كما هو الحال (عندما يذهب الأمريكي) الى بلدي، فإنه لا يعرف كل القواعد “.
ويوضح جعفري بأنه لا يبيع إلا ما يقارب من 30,000 جالون من الوقود شهرياً بربح يعادل 5 سنتات في الجالون الواحد، أي ما يقارب من 1500 دولار شهريا. وبعد سداد رسوم بطاقة الخصم، فقد أفاد أنه عادة ما يحصل على أقل من دولار واحد لكل عملية تعبئة. وكما هو الحال مع معظم أصحاب محطات الوقود، فإن جعفري يعتمد على العملاء القادمين إلى المتجر لشراء بضائع أخرى.
وتابع جعفري: “أنتظر أن يقوم العميل بشراء الصودا، السجائر، أو كيس من رقائق البطاطس، لأحظى بالفارق” “أما بالنسبة للوقود”، فإنه لا أحد يقوم بتحقيق أرباح اعتماداً على الوقود فقط. إننا نقوم ببيعه فقط للإبقاء على سعادة ورضا العملاء”.
وقد قدمت لجنة تكساس لجودة البيئة لجعفري خيار خطة دفع بمبلغ 540 دولار شهريا لمدة 12 شهرا – إلا أنه يعمل بكد ومشقة وجهد كبيرين من أجل توفير تلك الأموال. وفي بعض الأحيان كان يتخطى الدفع لشهر أو شهرين ومن ثم يدفع مبلغاً مقطوعاً ما أن يقوم بتوفير المبلغ الكافي، ويقول بإنه هو وأسرته المكونة من – زوجته و 10 أطفال – قد اضطروا إلى التوفير من البقالة والتقتير على أنفسهم قدر الإمكان.
وقال “لقد وضعوني في مأزق عويص وصعب جداً” ” يا لها من مشقة أتكبدها أنا عائلتي وكل شيء”.
في صباح يوم خريفي دافئ في جنوب تكساس، يتنقل جاري بسرعة من محطة وقود إلى أخرى في شاحنة صغيرة بيضاء، تحمل شعار لجنة تكساس لجودة البيئة الأزرق والأخضر على جانبها. وجاري هو واحد من بين 450 محققاً يعملون لدى الوكالة، ومن المتوقع منه أن يقوم بمعاينة وتفقد ثلاث محطات وقود خلال ساعة ونصف هذا الصباح. لقد أنهى المتجر الثالث للتو- وهو تابع لسلسة إتش إي بي، حيث أمضى 20 دقيقة – وسيعود إلى متجر ستريبس الذي قام بتفتيشه في وقت سابق من صباح اليوم.
(لقد قمت بتغيير اسم جاري لأنه يخشى أن يفقد وظيفته بسبب التحدث إلى وسائل الإعلام.)
يشرح جاري بأن عمليات التفتيش ذلك الصباح كانت جميعها سهلة لا سيما وأنها كانت جميعها تتعلق بمحطات وقود مملوكة لشركات. حيث كان هناك موظفون من ستريبس وإتش إي بي جاهزين وحاضرين للرد على أي تساؤلات، وقد قاموا بالفعل بتوجيه رسالة بريد إلكتروني إلى جاري بالسجلات التي كان يحتاج إلى مراجعتها.
وأضاف “تعتبر الشركات بمثابة مواقع سهلة لاسيما وأنها تقوم بتزويدنا بالوثائق التي يمكننا نسخها في أسرع وقت ممكن” أما بالنسبة للشركات العائلية الصغيرة، فإن ذلك يستغرق وقتاً أطول للحصول على كل شيء”.
في أي يوم مفترض، قد يقوم جارى بالتحقيق في حالة حريق اطارات في الصباح، أو يستجيب لشكاوى الجيران الذين يعيشون بالقرب من مصنع الخردة في فترة ما بعد الظهيرة. ولأن هناك الكثير من محطات الوقود للقيام بتفتيشها، فإن لجنة تكساس لجودة البيئة تفرض على المفتشين التعجل من أجل إجراء عمليات التفتيش تلك، ويذكر أنه من المتوقع منه إنجاز المهمة خلال خمس ساعات فقط من البداية الى النهاية، بصرف النظر عن أنه يحتاج في بعض الاحيان إلى سبع ساعات على الاقل لإنجاز هذه المهمة بالشكل الصحيح، (عارضت ماورو ذلك الإطار الزمني، بقولها إن المحققين يستغرقون 15 ساعة بشكل متوسط).
وتطلب لجنة تكساس لجودة البيئة من مفتشيها اعتماد التقارير خلال 60 يوما من التفتيش، وهو الموعد النهائي الذي يقول جاري أن المفتشين كثيرا ما يستعجلون تحقيقه، بينما قد تستهلك مساعدة أصحاب الأعمال الصغيرة في البحث عن السجلات اللازمة للوفاء بالقواعد معظم الوقت، وقد لا يكون لدى المفتشين الآخرين نفس الدرجة من الصبر، حسب رأيه.
وأضاف جاري: “عندما يقول (السياسيون) بأنكم تثقلون كاهل (المشروعات والأعمال)، باللوائح والقوانين، فإن ما يقصدونه حقاً هو أنكم تثقلون كاهل أصحاب الشركات الكبيرة” ” “إنهم لا يفكرون حقاً في المشروعات العائلية الصغيرة”.
كما توجد عقبة أخرى أمام بعض أصحاب مشروعات الأعمال الصغيرة، تتمثل في أن الكثيرين منهم يتكلمون الإنجليزية كلغة ثانية. ووفقاً لقانون الحقوق المدنية للعام 1964، فإنه من المتوقع أن تقوم الهيئات والكيانات التي تحصل على تمويل اتحادي، بمنح وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في الحصول على الخدمات، بصرف النظر عن العرق أو اللون أو الأصل الوطني. حيث قامت المحاكم بتفسير القوانين بشكل عام ليشمل تقديم المساعدة اللغوية من أجل الأشخاص الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية كلغة ثانية.
وحسبما يبدو فإن لجنة تكساس لجودة البيئة قد قامت باتخاذ بعض الخطوات بغرض تقديم المساعدة اللغوية. وتفيد ماورو المتحدث باسم لجنة تكساس لجودة البيئة بأنه كلما واجه موظفو الوكالات حواجز بخصوص التواصل فإنهم “يعتمدون على الموارد الداخلية والخارجية المتاحة”، بما في ذلك الاعتماد الموظفين الذين “يتقنون مجموعة من اللغات المتنوعة، ” المتحدثين بالإسبانية ضمن برنامج مشروعات الأعمال الصغيرة للوكالة، وبرنامج إنفايرو مينتور، حيث يقوم المهنيون البيئيون من خلاله بالتطوع وبذل وقتهم من أجل مساعدة المشروعات والشركات الصغيرة.
وبصرف النظر عن ذلك، فما زال من غير الواضح مدى تكرار استخدام تلك الخدمات. فوفقاً إلى مقابلات تم إجراءها مع تسعة من أصحاب محطات الوقود واثنين من المفتشين، فإن هناك العديد من أصحاب محطات الوقود الذين لا يعرفون بأن الوكالة تقدم خدمات الترجمة. فعلى سبيل المثال، فإننا نعرض قصة جوجيندر سينج. الذي ترك المدرسة بعد الصف الثامن في هاثور، وهو مجتمع زراعي صغير ضمن أرياف البنجاب في الهند، وحيث أنه كان شاباً صغيراً يعمل في مركز جمع الحليب لدى شركة نستلة. فقد أفاد بأنه كان “يشق طريقه بصعوبة ويكافح بكل جهد” من أجل الحصول على المال، ويتذكر قوله إلى والده، “لا تقلق، فإنني سأذهب يوماً ما الى بلد آخر”.
في العام 1998، وعندما كان في سن الـ 35، تمكن سينج من الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة وسافر إلى سيراكيوز، نيويورك، حيث وجد عملاً في محطة وقود، وحيث أن سينج لم يكن يعرف أي كلمة من اللغة الإنجليزية، فقد قام مديره بفصله من العمل، معللاً ذلك بأنه لا يمكنه توظيف شخص غير قادر على التواصل مع العملاء. وفي نهاية الأمر، تعلم سينج بعض الكلمات البسيطة من اللغة، وانتقل إلى فريسنو، كاليفورنيا، ومن ثم قدم لاحقاً إلى تكساس مع ابن عمه وكان يراودهما حلم بامتلاك وتشغيل محطات الوقود معاً.
وفي صباح أحد أيام ديسمبر الباردة، كان سينج يسير معي نحو مكتب صغير وضيق في الجزء الخلفي من محطة الوقود الخاصة به في فلوريسفيل، وهي بلدة صغيرة تقع جنوب شرق سان أنطونيو. ليفتح خزانة ملفات رمادية عامرة بالملفات التي تحمل علامة “لجنة تكساس لجودة البيئة رقم 1” و “لجنة تكساس لجودة البيئة رقم 2”.
في العام 2016، أوقعت عملية تفتيش روتينية سينج في مشكلة، حيث قام مقاول من شركة يو تي – أرلينجتون بتفتيش محطة الغاز الخاصة به، ووجد أن سينج لم يقوم باختبار الأنابيب القادمة من الخزانات تحت الأرضية والواصلة إلى المضخات. وقد طلب منه المفتش إجراء اختبار التسرب في الأسبوع المقبل. وقد تقيد سينج بالتعليمات وقام بإعادة الاختبار حيث كانت النتائج جيدة، إلا أنه مع ذلك تلقى صفعة مفاجئة من خلال فرض غرامة بقيمة 5,800 دولار. وعندما اتصل سينج مع أحد موظفي لجنة تكساس لجودة البيئة من خلال الهاتف وأفاده بأنه يريد الطعن في القضية، فقد أفاد بأنه تعرض للتهديد.
ويتذكر بقوله: ” إذا لجأت إلى القاضي، فإن القاضي هو من لجنة تكساس لجودة البيئة ، ولن يستمع إليك، بل أنه سوف يستمع إلي “، وأضاف بقوله: لقد كنت محبطاً فلم أكلف نفس خوض غمار الطعن والاستئناف (لم تقدم ماورو أي تعليق عندما طلب سينج الرد على زعمه).
ويوضح سينج: أن أحداً لم يكلف نفسه على الإطلاق عناء إبلاغه بأنه يمتلك الحق في الحصول على خدمات مترجم بشكل مجاني، وفي حال وجود مترجم هندي أو بنجابي، فإنه كان سيكون أمامه فرصة أكبر للحصول على تفهم واضح للانتهاكات وعن الطرق الأفضل للدفاع عن نفسه.
يقول سينج: “كان عليهم أن يسألوا أولاً” يا سيد سينج، يا سيد كومار، يا سيد بنيامين، يا سيد لوبيز، هل تحتاج إلى مترجم؟؟؟ ” وأردف قائلاً: “في حال قاموا بتعيين مترجم للترجمة بين المحامي، أو أي من القضاة أي كان، فإنه يمكنني أن أدافع بشكل أفضل عن نفسي، لقد كان بإمكاني المقاومة أكثر هناك بكل تأكيد”.
وينص العقد المبرم بين لجنة تكساس لجودة البيئة و أوت- أرلينجتون بكل صراحة على أن الجامعة يجب أن تلتزم بقانون الحقوق المدنية: ” بصفتك مستفيد من المساعدة المالية المقدمة من وكالة حماية البيئة، فإنه يطلب منك … توفير وصول مفيد إلى الأفراد (من أصحاب القدرات المحدودة في اللغة الإنجليزية)، كما يقع على عاتق الجامعة كذلك ” التزام إيجابي” بضمان ألا تشتمل إجراءاتها على أي معاملة تمييزية”.
وتذكر ماريان إنجلمان لادو، أستاذة القانون البيئي في جامعة ييل، إن الحجة القانونية من أجل ترجمة إشعارات المخالفات ووثائق تطبيق القانون تعتبر “مبررة جداً”. ووفقاً لإنجلمان لادو، فقد قررت وكالة حماية البيئة استجابة لأمر تنفيذي صادر منذ عهد كلينتون، بأنه يجب على الهيئات والوكالات القيام بترجمة بعض الوثائق “الهامة” إلى اللغة الأصلية للمدعى عليه. وأضافت بقولها: إن خطابات تنفيذ القانون والأوامر الصادرة عن لجنة تكساس لجودة البيئة تتناسب تماماً مع هذا التعريف.
وبالنسبة حالة سينج، وبصرف النظر عن أنه يتحدث اللغة البنجابية والهندية كلغة أم، إلا أن لجنة تكساس لجودة البيئة قد قامت بتوجيه خطابات باللغة الإنجليزية لإشعاره بأنه كان يخالف وينتهك قوانين الدولة وأنه يدين بأموال للدولة.
يقول سينج: ” لقد جئت من الهند ولا أمتلك أي تعليم”. “فكيف يمكنني قراءة أي شيء؟”
في نيويورك، تقدم صيدليات سي في إس، وكذلك والجرينز المعلومات الطبية من خلال 16 لغة مختلفة، وذلك باستخدام البرامج المخصصة للترجمة.
وتشير إنجلمان لادو: “لقد أصبحت التكنولوجيا أكثر بساطة، وكذلك إمكانية الوصول إلى الترجمة أكثر سهولة. وتتابع بقولها: ” وبالتالي فإن أي مؤسسة أو هيئة تمتلك موارد، يجب أن يكون لديها على الاقل إمكانات لإصدار الإشعار، ومن ثم تقديم تلك الوثائق الهامة باللغة الأصلية للأشخاص”.
إلا أن ماورو لم ترد على بعض الأسئلة المحددة بخصوص الوثائق التي تقوم لجنة تكساس لجودة البيئة بترجمتها إلا أنها صرحت بصورة عامة: “بصفتها متلقياً للتمويل الاتحادي، فإنه يجب على لجنة تكساس لجودة البيئة التقيد ببنود الفصل السادس من قانون الحقوق المدنية للعام 1964.”
إن النظام يقدم الرفاهية والكماليات إلى الشركات الكبيرة، وهي أمور لا يتم تقديمها بكل بساطة إلى جعفري، سينج و فرهاناكيان.
أولا- من النادر جداً أن تقوم لجنة تكساس لجودة البيئة بتغريم الشركات بسبب مخالفة تصاريح تلوث الجو. فعلى سبيل المثال، فقد رفضت الوكالة منذ العام 2005 إلى 2013، القيام بمتابعة الغرامات في 152 قضية ضد إكسون، أو 63 % من حالات الانبعاثات التي قامت الشركة بالإبلاغ عنها بشكل ذاتي، وبشكل إجمالي فقد أصدرت الوكالة غرامات بقيمة 1.4 مليون دولار فقط إلى إكسون، وهو مبلغ يتجاوز قليلاً الغرامة البسيطة المفروضة على الشركة العملاقة المتعددة الجنسيات بيهيموث.
إلا أن مدى الانحياز الفاضح للنظام لصالح إكسون، قد ظهر للعيان بشكل واضح تماماً من خلال الدعوى التي رفعتها المجموعات البيئية ضد الشركة. حيث يسمح قانون ولاية تكساس للشركات الملوثة للجو بتجنب العقوبات في حال وقوع الانبعاث أثناء بدء أو إيقاف تشغيل المحطة أو نتيجة أعطال. وبطبيعة الحال، فقد شهد مسؤول إكسون أثناء المحاكمة، بأن الشركة تستخدم هذا التبرير كردة فعل بصرف النظر عن الأحوال والظروف. وقد أوضحت التجربة كذلك أنه حتى عندما قامت لجنة تكساس لجودة البيئة بتغريم إكسون، فقد تم السماح للشركة للقيام بفرض وإملاء الشروط. كما أقر مسؤول كبير في الوكالة بأنه قد تم السماح لإكسون بتحرير المسودة الأولى لأمر تطبيق وتنفيذ القانون في العام 2012 وأنه كان لها مساهمة ومدخلات كبيرة على النسخة النهائية.
وفي العام 2017، أصدر القاضي الاتحادي حكماً ضد اكسون، ولاحظ بأن الشركة قد حققت فوائد اقتصادية بما يقارب من 14.3 مليون دولار من خلال تأخير المشروعات التي من شأنها تخفيض الانبعاثات. وأمر إكسون بدفع مبلغ يقارب من 20 مليون دولار.
لقد كان إصدار الحكم ضد إكسون حالة وانتصاراً نادرين. فما تزال مصافي النفط ومصانع البتروكيماويات والكثير من الجهات المسببة للتلوث، التي تقع تحت مسؤولية لجنة تكساس لجودة البيئة، تزعم بشكل روتيني بأن جميع الانبعاثات الفائضة هي مرتبطة بعمليات بدء أو إنهاء التشغيل أو بالأعطال. وعادة ما تتكلل هذه الخطة بالنجاح. وفي قضية سيتجو، على سبيل المثال، قامت الشركة بالاستئناف لثلاث مرات في أربع حالات تجاوزت فيها تصاريحها خلال الفترة من 2012 إلى 2017. وفي كافة الحالات الثلاث، ادعت الشركة أن الانبعاثات كانت قانونية، وتمكنت بنجاح من تخفيض الغرامة، وتجنب الإقرار بأي مخالفة أو انتهاك.
في إحدى الحوادث التي وقعت في العام 2012، أطلق مصنع سيتجو ويست في كوربوس كريستي أكثر من 25,000 رطل من ثاني أكسيد الكبريت، وأكثر من 400 رطل من مجموعة كبيرة من المواد الكيميائية الأخرى، بما فيها أول أكسيد الكربون، كبريتيد الهيدروجين وأكاسيد النيتروجين. وقد استمرت الانبعاثات لمدة أكثر من يوم واحد، إلا أن الشركة قد أخفقت في الإبلاغ عنها خلال فترة 24 ساعة حسبما هو مطلوب. حيث قامت لجنة تكساس لجودة البيئة بتغريم سيتجو 50,500 دولار. بيد أن الشركة ادعت بكل بساطة بأنه كان انبعاث مسموح، وقامت باستئناف القضية لدى المكتب الحكومي للجلسات الإدارية (SOAH). في نهاية الأمر، أجرت لجنة تكساس لجودة البيئة تسوية مع سيتجو لدفع مبلغ 13,100 دولار.
ووفقاً لميتزجر الذي يعمل مع شركة ” إنفايرونمنت تكساس”: “يمتلك أولئك الأشخاص المليارات من الدولارات، بكل معنى الكلمة، التي يمكنهم انفاقها على المحامين ومجموعات الضغط، ويمكنهم تحمل خوض غمار المقاومة، أما على الجانب الآخر، فإننا نعلم تماماً بأن مالك محطة الوقود لا يمتلك تلك الموارد”. وأردف بقوله “حتى لو أراد أن يلجأ إلى المكتب الحكومي للجلسات الإدارية (SOAH) أو إلى المحاكم، فإنه من المرجح أنه لا يمتلك المال أو الوقت أو الخبرة ليتمكن من الحصول على أي نوع من الدفاع الفعلي”.
في واقع الأمر، فإن هناك عدداً قليلاً جدا من قضايا الخزانات التي تم استئنافها، فقد شهدت الفترة من العام 2009 إلى العام 2017، استئناف ما يقارب من 250 فقط من 4200 قضية خاصة بالخزانات تحت الأرضية – أي بنسبة تقل عن 6 % – أمام المكتب الحكومي للجلسات الإدارية (SOAH)، وفقاً لتحليل (الأوبزرفر). ويشرح جعفري صاحب محطة وقود فورت وورث قراره بعدم القيام بالاستئناف بهذا التسلسل:
ويشرح: “في حال قمت بطلب جلسة، فإنه يجب على الذهاب الى اوستن، لتوكيل محامي”. “أنا أحصل على فرصة، قد أفوز وقد أخسر (فإذا خسرت)، فيجب علي أن أدفع إلى المحامي، وعليه، سامحني لما سأقوله، فإن كل ما يتبقى لنا أن نقوله لأنفسنا هو: “اخرس وادفع وحاول أن تتجاوز الأمر “
ما هو شكل النظام الأكثر عدالة؟ يقول أدريان شيلي، المدير التنفيذي لمجموعة داعمة لحقوق المستهلك (بابلك سيتزن تكساس)، إن بيان طريقة تحديد الأولويات عند الأعمال والصناعات هو “سؤال يحمل أبعاداً كبيرة في مجال الصحة العامة وتنفيذ القانون البيئي”. وقد طرح تحليل (الأوبزرفر) “موضوع العدالة الاجتماعية” وأثبت بأن أولويات وميزان القياس عند لجنة تكساس لجودة البيئة قد “أصبحت غير عادلة”.
وتابع بقوله “في حال كانوا يلاحقون أصحاب المشروعات الصغيرة الذين لا يمتلكون مجموعات ضغط تدعم مصالحهم في الولاية، فإن ذلك أمر يعتبر غير عادل على الإطلاق”.
وأوضح ميتزجر أن لجنة تكساس لجودة البيئة تتصرف مثل المتنمر في ساحة المدرسة ، من خلال التنمر والترهيب ومضايقة أولئك الضعفاء الأقل قدرة على المواجهة والرد. وتابع قائلاً: “إن لجنة تكساس لجودة البيئة تتيح الفرصة أمام الشركات الكبرى للهروب والخروج من المأزق، بينما تتعامل بشكل غير عادل وتلاحق أصحاب الأعمال الصغيرة “، وأردف: “إنها ليست عادلة ولا تعمل على حماية الصحة العامة، وخلاصة الأمر بالنسبة لهم هو القيام بملاحقة الصغار بكل قوة، والتصرف ببرود وتجاهل عندما تقوم الجهات الكبيرة المسببة للتلوث بخرق القانون”.
وبالنسبة لفرهاناكيان وأصحاب محطات الوقود الآخرين، فإن الأمر يتلخص بشكل أساسي في موضوع العدالة، ويجب أن تتناسب العقوبة مع الجريمة.
وتابع قائلاً: “بالنسبة للمصافي الكبرى فإن (بضعة آلاف من الدولارات) هو أمر لا يكاد يذكر، ” إنه مصروف جيب” فلماذا يجب أن يكون الحال كذلك ؟ يجب أن يقوموا هم بدفع الغرامة الكبيرة، وعلينا أن ندفع غرامة صغيرة، وذلك من خلال المقارنة بين حجم المال أو حجم الأعمال”.
إن فرهاناكيان الآن هو شبه متقاعد) فقد أثر داء الزرق على بصره ويمشي بصعوبة، حيث تقوم ابنته رويا بالعناية بالعمليات اليومية في محطة الوقود، وهو يقول مبتسماً “لقد أصبح عملها الآن”.
وبعد أن تعرض للغرامة للمرة الأولى، فإنه يقول أنه قد أصبح أكثر حذرا الآن بما يتعلق بحفظ السجلات. كما قام بتعيين شركة مطابقة من أجل تعقب ورصد سجلات المخزون اليومية. ومع أنه يقول أن لم يندم على دخول مجال أعمال محطات الوقود، إلا أنه يستدرك بقوله إن فرض الغرامات الكبيرة قد منعه من افتتاح محطة وقود أخرى، وبأنه لا يوصي ابنته رويا أن تقوم بذلك أيضاً.
وتابع قائلاً: ” عاهدت نفسي بأنني لن أقوم بفتح محطة وقود أخرى”. وأضاف “إذا كنا سنواجه صعوبة كبيرة مثل ما نعانيه الآن، فما الذي يجبرنا على فتح محطة ؟ وأن نتكبد عناء الاحتفاظ بكل هذه الأوراق، كل هذه السجلات، كل هذه الأشياء، لماذا نتحمل ذلك؟
تم نشر هذه المقال بالتعاون مع صندوق التحقيقات في معهد (نيشن).
Top photo by Tamir Kalifa.